'إما أن نرحل أو نموت'
التهجير القسري بموجب اتفاقات "المصالحة" في سوريا
أدت أربعة اتفاقات محلية، توصلت إليها الحكومة السورية وجماعات المعارضة المسلحة، من خلال التفاوض في عامَي 2016 و 2017 ، إلى حالات نزوح جماعي للمدنيين في شتى أنحاء البلاد. وقدمت الحكومة السورية وحلفاؤها هذه الاتفاقات على أنها خطوات نحو “المصالحة”، لكن واقع الأمر أنها استُبقت بنمطٍ من الحصار المطول والقصف الذي أوقع مئات القتلى والجرحى بين المدنيين، وأرغم الآلاف على الاستسلام والإخلاء.

وتكشف بحوث منظمة العفو الدولية عن قيام القوات الحكومية السورية بإخضاع المدنيين، بطريقةٍ ممنهجة، للحصار غير المشروع وشن هجمات جوية وبرية على المدنيين والأعيان المدنية في إطار نمطٍ من الانتهاكات التي قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. كما تبين البحوث أن جماعات المعارضة المسلحة ارتكبت جرائم حرب وقامت بدورها بعمليات حصار غير مشروع لبعض المناطق المدنية وقصفتها بلا تمييز.

وخلصت المنظمة إلى أن النزوح الجماعي لم يُنَفَّذ، في أغلب الحالات، حرصًا على سلامة المدنيين أو لضرورة عسكرية ملحة، ومن ثم فهو يُعَدُّ أيضًا جريمة من جرائم الحرب. ونتيجة لذلك، يعيش آلاف المدنيين حياة محفوفة بالمخاطر. وينبغي، مع تزايد الحديث عن إعادة الإعمار في سوريا، أن يُسمَحَ لهم بالعودة إلى منازلهم وأن يُزَوَّدُوا بجبر الضرر عن الانتهاكات التي كابدوها.
'إما أن نرحل أو نموت'
التهجير القسري بموجب اتفاقات "المصالحة" في سوريا
حي الوعر
وصول النازحين من حي الوعر في حمص الى مخيم للهلال الأحمر التركي في جرابلس، شمال شرق محافظة حلب في 19 مارس/ آذار 2017 . © Ensar Ozdemir/Anadolu Agency/Getty Images
الدفعة الرابعة من الأشخاص الذين جرى اجلاؤهم من حي الوعر في حمص بانتظار الباصات للتوجه الى شمال محافظة حلب في 8 أبريل/نيسان 2017، جزء من الإجلاءات المتعاقبة لأكثر من 20000 شخصًا.©Firas Faham/Anadolu Agency/Getty Images
الدفعة الرابعة من الأشخاص الذين جرى اجلاؤهم من حي الوعر في حمص بانتظار الباصات للتوجه الى شمال محافظة حلب في 8 أبريل/نيسان 2017، جزء من الإجلاءات المتعاقبة لأكثر من 20000 شخصًا. ©Judy Arash/Anadolu Agency/Getty Images
الدفعة العاشرة من الذين جرى إجلاؤهم من حي الوعر في حمص في انتظار الباصات للتوجه الى محافظة إدلب في 15 أيار 2017، جزء من الإجلاءات المتعاقبة لأكثر من 20000 شخصًا. © Judy Arash/Anadolu Agency/Getty Images
لقطة عامة تظهر حجم الدمار الذي لحق بالمباني في حي الوعر في حمص في 19 سبتمبر/ أيلول 2016. ©Omar Sanadiki/Reuters
صورة التقطت عبر الأقمار الصناعية من 31 مايو /أيار 2017 (على اليمين) تظهر مخيم زوغرة الجديد في منطقة كانت لاتزال خالية في 19 مارس/آذار 2017 (انظر الى الصورة على اليسار). يقع هذا المخيم على بعد نحو 250 كلم شمال شرقي الوعر على طول الحدود مع تركيا وقد تم بناؤه سريعًا لاستيعاب الأشخاص المهجرين من الوعر.
"لو كنتُ قد بقيت، لكان لزاماً عليَّ أن أقاتل في صفوف قوات النظام. هذا هو مصير الشباب الذين بقوا... لم يغادر أحدٌ الحي بإرادته. منْ الذي رحل بإرادته؟ لقد فُرض هذا علينا... لم يكن هناك أي سبيل يضمن لنا أن نطمئن لأفعال النظام والميليشيات التي تؤيده... الناس لا يشعرون بالأمان وهم تحت رحمة النظام"
- ناشط من حي الوعر
الحصار والقصف
- بدأ حصار الحكومة لحي الوعر في مدينة حمص في أكتوبر/تشرين الأول 2013.
- قيّدَت حركة الغالبية العظمى من سكان حي الوعر الذين كان يُقَدَّر عددهم بما بين 70000 و 100000 شخص، كما قيّدَت إمكانيات الحصول على الغذاء، والدواء، والوقود. وحتى الطلبة والموظفين الحكوميين الذين سُمِحَ لهم بالخروج من الحي والدخول إليه كانوا كثيرًا ما يتعرضون للمضايقات عند نقاط التفتيش، وكذلك للاحتجاز في بعض الأحيان.
- شُدِّدَ الحصار تدريجيًا، ولاسيما في عام 2016 الذي مُنِعَ خلاله دخول الخبز تمامًا، وهو ما دفع بالسكان المحاصرين إلى طحن الحبوب التي كانوا يتلقونها في حصص المعونة لصنع الخبز، وهو الغذاء الأساسي. وانتهى الأمر بسكان حي الوعر إلى الاعتماد الكثيف على شحنات المعونة التي تصلهم بشكل متقطعٍ وتعجز عن تلبية حاجات السكان.
- في الوقت نفسه، استهدفت هجمات الحكومة السورية الجوية والبرية الأحياء السكنية، والمنشآت الطبية، بل وضربت أحد الملاعب.
الأطراف التي انخرطت في المفاوضات
ممثل عسكري روسي، ومسؤولون أمنيون سوريون ولجنة تفاوُضٍ تمثل المدنيين والمقاتلين في حي الوعر.
التهجير
في مارس/آذار2017 ، أعاد اتفاقٌ رعته روسيا المنطقة تحت سيطرة الحكومة، وأفضى إلى إخلاء 20000 من السكان بشكل متعثرٍ، ومن بينهم جميع المقاتلين المتبقين. وبرغم أن الحكومة لم تأمر المدنيين صراحة بالنزوح، فقد شدد من غادروا المنطقة على أن أفعال الحكومة أجبرتهم على ذلك. وقالوا إنهم خشوا التعرض للانتقام إذا بقوا، مشيرين إلى أمثلةٍ سابقةٍ لعمليات اعتقال واختفاء وقعت عقب اتفاقاتٍ مماثلة في حمص وغيرها. وقال العديد من المهجرين أنهم هُجّروا بسبب خوفهم من التجنيد الإجباري.
الإخلاء
استغرقت عملية الإخلاء الفترة الواقعة بين 18 مارس/آذار و 21 مايو/أيار. وتوجهت 12 دفعة من النازحين إلى ثلاثة مواقع تسيطرعليها المعارضة، وهي شمال محافظة حلب، وشمال محافظة حمص، ومحافظة إدلب.
مرحلة ما بعد الإخلاء
- توزع كثيرٌ من النازحين على أماكن إيواء مؤقتة ومخيمات تفتقر إلى ضروريات الحياة. ولعل من بين أكثر الظروف الإنسانية صعوبة تلك التي يكابدها ما يُقَدَّر بقرابة 7500 نازح يعيشون في مخيم زوغرة في شمال شرق محافظة حلب. وقد دفع سوء الظروف في المخيم ما يُقَدَّر بقرابة 600 شخص إلى الطلب إلى الحكومة السورية السماح لهم بالعودة إلى حي الوعر.
- استولت الحكومة على منازل بعض النازحين بعد أن غادروا المنطقة لاعتبارهم "مطلوبين"، ما يثير مزيدًا من الشك في قدرتهم على العودة في أي وقتٍ في المستقبل.
"المدن الأربع"
مسؤولون سوريون يحضرون مراسم ضحايا السيارة المفخخة التي استهدفت قافلة حافلات تقلّ الأشخاص الذين تم اجلاؤهم من المدن المحاصرة كفريا والفوعة في المستشفى العسكري في حلب في 25 أبريل/نيسان 2017. ©George Ourfalian /AFP/Getty Images
الجرحى الذين اصيبوا بسبب السيارة المفخخة التي استهدفت قافلة حافلات تقل الذين تم اجلاؤهم من المدن المحاصرة كفريا والفوعة ينتظرون في خيمة على الحدود السورية-التركية في إدلب في 17أبريل/نيسان 2017. © Omar Haj Kadour /AFP/Getty Images
باص كان يقل أشخاصًا من حي الراشدين في حلب الخاضع لسيطرة المعارضة وقد دُمّر جراء السيارة المفخخة التي استهدفت قافلة حافلات تقل أشخاصًا جرى اجلاؤهم من كفريا والفوعة في 15 أبريل/نيسان 2017. © Omar Haj Kadour/AFP/Getty Images
مسعفو الهلال الأحمر ينتظرون الباصات التي تقوم بإجلاء المدنيين من القرى الخاضعة لسيطرة الحكومة من كفريا والفوعة في 14 أبريل/نيسان 2017 . © George Ourfalian /AFP/Getty Images
عضو من القوات الموالية للنظام يقف عند مدخل القرية السورية المحاصرة الخاضعة لسيطرة الثوار في مضايا، في انتظار قافلة المساعدات التابعة للهلال الأحمر السوري في 14 كانون الثاني 2016 . © Louai Beshara/ AFP/Getty
الأشخاص في مضايا المحاصرة ينتظرون وصول قافلة المساعدات في 11 يناير/كانون الثاني 2016، كجزء من اتفاقية وقف اطلاق النار التي تمت في سبتمبر/أيلول 2016 . ©Stringer/AFP/Getty Images
تحليل صورة ملتقطة عبر الأقمار الصناعية من 21 فبراير/شباط 2017 يظهر 72 مبنى متضرراً أو مدمّراً و أكثر من 100 حفرة في بقعة من الأرض مساحتها 25 كلم مربع داخل وحول كفريا والفوعة
"إذا جُرح أحدٌ في كفريا والفوعة، فهذا يعني أنه سيقع منا جرحى أيضًا. كان القناصة ينشطون في كل مرةٍ تُستهدَف فيها كفريا والفوعة"
- مدرّسة من مضايا
الحصار والقصف
- بدأت عدة جماعات من فصائل المعارضة المسلحة، في مقدمتها “هيئة تحرير الشام” و”حركة أحرار الشام الإسلامية”، محاصرة كفريا والفوعة، وهما بلدتان متلاصقتان أغلب سكانهما من الشيعة في محافظة إدلب، في مارس/آذار2015. وعلى بعد قرابة 400 كيلومتر، بدأت القوات الحكومية السورية وحلفاؤها محاصرة مضايا والزبداني في ريف محافظة دمشق في يوليو/تموز2015 .
- أقدمت الحكومة السورية من جهة، وفصائل المعارضة المسلحة من جهةٍ أخرى، على سدّ كافة مداخل البلدات المحاصرة عن طريق إنشاء الحواجز، ما منع إدخال الغذاء والدواء وغيرهما من المواد الضرورية، وقيّد إمكانية الحصول على المعونة الإنسانية، ومنع المدنيين من مغادرة بلداتهم.
- منعت الحكومة السورية وحلفاؤها السكان من الوصول إلى حقولهم الزراعية عن طريق إنشاء الحواجز على مداخلها. أما فصائل المعارضة المسلحة، فاستخدمت تكتيكاتٍ مشابهة في كفريا والفوعة، إذ قصفت الحقول الزراعية في البلدتَين مستخدمةً الذخائر المتفجرة ومتسبّبةً في حرق وتدمير الحقول الزراعية.
- اضطر سكان مضايا وكفريا والفوعة إلى الاعتماد على المعونة الإنسانية. لكن وصول هؤلاء إلى المعونة اعتمد على سماح الحكومة السورية وفصائل المعارضة المسلحة بذلك. بمعنًى آخر، سمحت الحكومة السورية بدخول مساعدات الأمم المتحدة إلى مضايا والزبداني مقابل سماح فصائل المعارضة المسلحة بدخول المساعدات إلى كفريا والفوعة، والعكس بالعكس.
- استهدفت الحكومة السورية وحلفاؤها، بمن فيهم حزب الله، المدنيين على نحوٍ متكررٍ في مضايا في خلال الحصار، ما أدى إلى مقتل وإصابة العديد منهم. كذلك، استهدف القناصة المتمركزون عند الحواجز المحيطة بمضايا المدنيين في الشوارع وبالقرب من منازلهم.
- استهدفت فصائل المعارضة المسلحة المناطق المدنية في الفوعة وقصفتها، متسببةً في قتل وإصابة المدنيين وتدمير الأعيان المدنية. واستخدمت هذه الجماعات في القصف قنابل الغاز المعروفة بـ”مدافع الجحيم”، والذخائر المرتجَلة المعتمِدة على الصواريخ (IRAM) مثل صاروخ “الفيل”، والمورتر، ومدافع الهاون، وصواريخ غراد المُطلقة من قاذفاتٍ مرتجَلة.
الأطراف التي انخرطت في المفاوضات
إيران و"هيئة تحرير الشام"
التهجير
في مارس/آذار2017 ، توصلت أطراف الصراع إلى اتفاقٍ تحت رعاية حكومات أجنبية من بينها إيران وقطر. ونص الاتفاق، الذي عُرِفَ باتفاق “المدن الأربع” وكان الهدف منه رفع الحصار، على الإخلاء التام للمقاتلين والمدنيين من كفريا والفوعة، وكذلك إخلاء المقاتلين من مضايا، والزبداني، واليرموك، وهو مخيم فلسطيني داخل دمشق تحاصره الحكومة السورية.
الإخلاء
في 14 إبريل/نيسان، نقل 75 باصًا 5000 شخصٍ من كفريا والفوعة إلى منطقة ترانزيت في حيّ الراشدين في حلب الخاضع لسيطرة المعارضة، بينما نقل 60 باصًا 2350 شخصًا من مضايا إلى منطقة ترانزيت في حيّ الراموسة في حلب الخاضع لسيطرة الحكومة السورية. وكان من المفترض أن يتوجه القادمون من كفريا والفوعة إلى مدينة حلب الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، على أن يتوجه القادمون من مضايا إلى محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة. وفي 19 إبريل/نيسان، أخلي 400 شخصٍ إضافي من مضايا والزبداني إلى محافظة إدلب، كما أخلي 3000 شخصٍ من كفريا والفوعة إلى مدينة حلب الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية. لكن اتفاق إخلاء مقاتلي المعارضة من مخيّم اليرموك تعثّر، ما أدى إلى استمرار محاصرة “حركة أحرار الشام الإسلامية” و”هيئة تحرير الشام” لبلدتَي كفريا والفوعة، حيث ما زال يعيش 8000 مدنيٍ.
الإنتهاكات التي وقعت في خلال عملية الإخلاء
في 15 إبريل/نيسان2017 ، أي بعد يوم من بدء عملية إخلاء المدن الأربع، استهدف تفجير سيارةٍ ملغومةٍ قافلةً كانت قد غادرت كفريا والفوعة، وتنتظر لنقل النازحين من حي الراشدين الذي تسيطر عليه المعارضة في حلب إلى منطقة تسيطر عليها الحكومة، ما أدى إلى مقتل 125 شخصًا من بينهم 67 طفلًا، وإصابة 413 آخرين. وما زال عدة أشخاص، من بينهم أطفال، مفقودين بعد الانفجار.
مرحلة ما بعد الإخلاء
قدّمت الحكومة السورية مساعداتٍ مالية للأسر النازحة من كفريا والفوعة لدفع الإيجار وغيره من النفقات، لكنها لم تبلغ الأسر إلى متى ستستمر المعونة. ولم يتلق النازحون من مضايا أي تعويضٍ من الحكومة، وكان عليهم دفع الإيجار وغيره من النفقات بأنفسهم، أو الاعتماد على المنظمات الإنسانية المحلية.
حلب الشرقية
صورة التقطت في 5 ديسمبر/كانون الأول تظهر المباني المهدمة في حي الشعار في شرق مدينة حلب اذ تتقدم في هذه المنطقة الحكومة السورية . © George Ourfalian / AFP/ Getty Images
لقطة عامة تظهر المباني المهدمة في مدينة حلب القديمة في 9 ديسمبر/كانون الأول 2016 . © George Ourfalian/ AFP/ Getty Images
قافلة تضم باصات وسيارات إسعاف تجلي المدنيين من شرق مدينة حلب في 15 ديسمبر/كانون الأول 2016 . © Ibrahim Ebu Leys/Anadolu Agency/Getty Images
المدنيون في شرق مدينة حلب المحاصرون من قبل الحكومة السورية بانتظار الإجلاء في 15 ديسمبر/كانون الأول 2016 . © Mamun Ebu Omer/Anadolu Agency/Getty Images
تحليل لصور ملتقطة عبر الأقمار الصناعية يظهر الفرق بين بيانات يعود تاريخها إلى 18 سبتمبر/أيلول و 25 سبتمبر/أيلول و 1 نوفمبر/تشرين الأول 2016، ويظهر عددًا من المباني في منطقة تبلغ مساحتها 65 كلم مربع في حلب الشرقية، تعرضت للتدمير والضرر بين 18 و25 سبتمبر/أيلول (على الأقل 90 مبنًى)، وبين 25 أكتوبر/أيلول و1 أكتوبر/تشرين الأول (أكثر من 20 مبنًى).
"عشتُ حياتي كلها في مدنية حلب... وفقدتُ [ابنتي]... سقطت قنبلة أمام المبنى الذي كانت تلعب فيه. لا أذكر كلماتها الأخيرة لي. فقدتُها في غمضة عين من أجل لا شيء... لا شيء على الإطلاق. أتمنى لو أنني متُّ معها"
- أم لطفلين
الحصار والقصف
- وفي 7 يوليو/تموز2016 ، بدأت الحكومة السورية محاصرة الشطر الشرقي من مدينة حلب، بما فيه من مدنيين قُدِّرَ عددهم بما بين 250000 و 275000 شخص، غالبيتهم العظمى مدنيون.
- قيّدت حصول المدنيين على الغذاء والدواء وغيرهما من الإمدادات الضرورية.
- نفذت القوات الحكومية السورية والروسية هجمات على المدنيين والأعيان المدنية، مستخدمةً الذخائر التي تُلقَى من الجو، والذخائر العنقودية المحظورة دولياً، والأسلحة الحارقة. واستهدفت الهجمات أحياءً سكنية مأهولة، فقصفت القوات مباني سكنية، وأسواقاً، ومستشفيات داخل المدينة وبعيداً عن خطوط القتال الأمامية، ودون وجود أهداف عسكرية في محيط تلك الأماكن.
الأطراف التي انخرطت في المفاوضات
"حركة أحرار الشام الإسلامية" وممثّل عن روسيا
التهجير
في 13 ديسمبر/كانون الأول، جرى التوصل إلى اتفاق بين الجانبين يتضمن إخلاء جميع مقاتلي الجماعات المسلحة إلى شمال محافظة حلب. ولم تتطلب شروط الاتفاق خروج المدنيين، لكن الغالبية العظمى من السكان الذين كانوا في المنطقة في ذلك الوقت وقُدِّرَ عددهم بقرابة 37000 شخص، اختاروا النزوح بسبب الأهوال التي تعرضوا لها في الأشهر السابقة، فضلًا عن التشكيك في وعود الحكومة بضمان سلامتهم.
الإخلاء
إخلاء الجماعات المعارضة المسلحة والمدنيين إلى محافظتَي حلب وإدلب
الإنتهاكات التي وقعت في خلال عملية الإخلاء
- المرة الأولى في 15 ديسمبر/كانون الأول 2016، عندما تعرضت قافلة تقل المرضى والجرحى لإطلاق النار دون تمييز على أيدي قوات موالية للحكومة، حسبما زُعِمَ، ما أدى إلى إصابة ثلاثة أشخاص.
- المرة الثانية، في 16 ديسمبر/كانون الأول 2016، عندما اعترضت قوات موالية للحكومة سبيل قافلة تقل مدنيين ومقاتلي المعارضة ومنعتها من مواصلة رحلتها، وأمرت عشرات الرجال بالخروج من الحافلات والسيارات، وعزلتهم عن النساء والأطفال، ثم أجبرتهم على الانبطاح على وجوههم في اتجاه الطريق. وأطلقت القوات الموالية للحكومة النار في الهواء في البداية، ثم أطلقت النار عليهم فقتلت وأصابت العديد منهم.
مرحلة ما بعد الإخلاء
ما زال مهجّرو حلب الشرقية يعيشون في ظروفٍ بالغة الصعوبة بسبب ضيق فرص الحصول على المعونة الإنسانية، ونقص فرص التوظيف. وتدفع الغالبية العظمى من سكان شرق مدينة حلب السابقين الذين قابلتهم منظمة العفو الدولية إيجار السكن وتكلفة الماء وغيره من المرافق والخدمات، بينما وجد آخرون أسرًا تستضيفهم. وأفاد بعض الصحافيين الذين زاروا مدينة حلب في عام 2017 بأن عملية إعمار حلب القديمة بدأت، بينما ما تزال بقية الأحياء أطلالًا خربةً .
داريا
صورة للدمار في داريا، نُشرت في تاريخ 10 أغسطس/ آب 2017 على صفحة 'المجلس المحلي لمدينة داريا' على موقع فايسبوك
صورة للدمار في داريا، نُشرت في تاريخ 18 أغسطس/ آب 2017 على صفحة 'المجلس المحلي لمدينة داريا' على موقع فايسبوك
صورة لما يُزعم أنها ضربة جوية في داريا، نُشرت في تاريخ 16 أغسطس/ آب 2017 على صفحة 'المجلس المحلي لمدينة داريا' على موقع فايسبوك
صورة للمدنيين في أثناء إخلائهم من داريا، نُشرت في تاريخ 26 أغسطس/ آب 2017 على صفحة 'المجلس المحلي لمدينة داريا' على موقع فايسبوك
السكان يتفقدون أضرار الدمار الذي سببته غارة جوية شنتها قوات الحكومة السورية في داريا، جنوب غرب العاصمة دمشق في 25 يناير/كانون الثاني 2014 . ©/AFP/Getty Images
برميل متفجر يزعم أنه تم القاؤه من مروحية تابعة للقوات السورية في مدينة داريا في جنوب غرب العاصمة دمشق في 31 يناير/كانون الثاني 2014 . © Fadi Dirani/ AFP/ Getty Images
تحليل صورة ملتقطة عبر الأقمار الصناعية تظهر تقييم الأضرار في داريا على امتداد 25 كلم مربع بين نوفمبر/تشرين الثاني 2012 وسبتمبر/أيلول 2016
"لقد نال الجوع منهم [التلاميذ] حقاً. كان من أصعب الأمور أن ترى هؤلاء الأولاد الصغار بهذه النحافة وهذا الضعف... كانت قلوبنا تنفطر ونحن نستمع إلى حكاياتهم- ذات مرة قال أحد الأولاد إنه يتمنى أن يموت مثل والده، حتى يستطيع أخيراً أن يأكل في الجنَّة"
- مدرِّس من داريا
الحصار والقصف
- في نوفمبر/تشرين الثاني2012 ، فرضت الحكومة السورية حصارًا على ما يُقَدَّر بقرابة 7000 شخص يعيشون في ضاحية داريا بدمشق.
- استمر الحصار أربع سنواتٍ عانى السكان خلالها من التضور جوعًا حتى اضطر بعضهم إلى أكل الحشائش. ومنعت الحكومة بصورة غير مشروعة، أو قيدت تعسفيًا، الحصول على الضروريات الأساسية مثل الغذاء، والماء، والدواء، والكهرباء، والوقود، والاتصالات.
- ازداد الموقف تعقيدًا نتيجة أساليب الأرض المحروقة التي اتبعها الجيش السوري مثل حرق الحقول. ونفذت القوات الحكومية هجمات بلا تمييز على المدنيين والأعيان المدنية مستخدمة أسلحة مختلفة مثل البراميل المتفجرة والأسلحة الحارقة، واستهدفت منشآت أساسية، من بينها مستشفى داريا الوحيد.
- ورفضت الحكومة السورية كذلك، بشكل متكرر، السماح لقوافل الإغاثة التابعة للأمم المتحدة بدخول داريا إلا في مرتين نادرتي المثال قبل إخلاء المدينة بالكامل بشهرين.
الأطراف التي انخرطت في المفاوضات
الحكومة السورية (ممثلةً بمذيعةٍ تعمل في التلفزيون الرسمي السوري) ولجنة تمثل المدنيين والمقاتلين في داريا.
التهجير
في 26 و 27 أغسطس/آب2016 ، أُخلي كل السكان الباقين في المدينة الذين كان يُقدر عددهم بما بين 2500 و 4000 شخص، بموجب اتفاق محلي بين الحكومة ولجنة تمثل المدنيين والمقاتلين في داريا.
الإخلاء
لم يتح الاتفاق خيارًا، سواء للجماعات المسلحة أو المدنيين، غير مغادرة المدينة إلى إدلب التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة أو إلى مركز إخلاء حكومي قرب دمشق (الحرجلة). ولم يأت هذا الأمر بإخلاء المدينة حرصًا على سلامة المدنيين أو استجابة لضرورة عسكرية مُلِحَّة كما يقتضي القانون الإنساني الدولي.
مرحلة ما بعد الإخلاء
- شوهدت القوات الحكومية تنهب المنازل والممتلكات بعد الإخلاء.
- يجد السكان السابقون الذين نزحوا إلى مناطق تسيطر عليها المعارضة المسلحة مشقة بالغة في تدبير حاجات معيشتهم. وهم يعيشون في أنحاء متفرقة من محافظة إدلب، من بينها مدينة إدلب ومخيمات في المناطق الريفية، ويعتمدون إلى حد بعيد على المعونة.
- أما الذين أُخلُوا إلى المأوى الحكومي، فلم يُجَنَّب بعضهم التعرض للعقاب وفقًا لما نصّ عليه الاتفاق. إذ بدلًا من ذلك، قُبِضَ على عدد من النازحين، أغلبهم من النساء والأطفال، عند نقاط التفتيش في ضواحي دمشق أثناء تنقّلهم في المنطقة أو محاولتهم السفر، على الرغم من أنهم سبق وأُخضعوا للفحوص الأمنية.